غابت المطربة المغربية سميرة سعيد فترة غير قصيرة عن الساحة الفنية، ما سمح بطرح العديد من الأسئلة وإطلاق الشائعات والافتراضات من الجمهور ووسائل الإعلام..
خصوصا ً أن صاحبة الصوت الكرزي، اشتهرت منذ احترافها للغناء لحوالى ربع قرن مضى، بدينامية يفتقر اليها كبار المطربين، خوّلتها احتلال موقع الصدارة في الاصدارات والاحتفالات والمهرجانات العربية. في هذا اللقاء هو الأول بعد معاودة نشاطها إضاءة حول اسباب غيابها وعودتها ومشاريعها الغنائية الجديدة، مروراً بما تشهده الساحات العربية من تطورات وتحولات وضعت الفنانين في خانتين متعارضتين.
* الحمد لله على عودتك بإشراقة النجوم وحماس الشباب. اشتاق الى صوتك الجمهور والإعلام معاً. ما سر هذا الغياب والعودة المفاجئة؟
ــ دعني احاول تصحيح ما تطرحه. الغياب يحمل معان كثيرة مثل العزلة والانكفاء، و.. الموت. أنا لا أحمل اياً من هذه الاوصاف. الأدلة كثيرة. ما زلت أغني وصوتي يملأ الاذاعات والشاشات العربية. أما ابتعادي عن الحفلات والمهرجانات، فيرتبط بخياري الخلود الى الراحة بعد نشاطات غنائية وفنية لم تتوقف طيلة ربع قرن من الاحتراف، سبقها سنوات من الهواية.
أما العودة فلا تحمل من المعاني سوى أنني أنهيت مرحلة الاستراحة التي اردتها عن سابق تصور وتصميم، وبالتصميم نفسه أعود الى الساحة مزودة بمجموعة اغنيات قد تفاجئ الجمهور والإعلام معاً.
* تتحدثين عن 25 سنة من الاحتراف الغنائي وسنوات أخرى من الهواية، وأنت تبدين في زهرة شبابك. خصوصاً من تلك البسمة التي لا تفارق ثغرك؟
ـــ قد تكون هذه العبارات اجمل ما سمعته في الفترة الاخيرة تشكر عليها. ثم انها تحمل في ذاتها تكذيباً لكل الشائعات التي اطلقها مغرضون عن مرضي وإحباطي النفسي. هنا أؤكد للاصدقاء والخصوم، أن سميرة سعيد التي غنت أم كلثوم وهي في السادسة من عمرها ولم تجرفها الشهرة الى العبثية والمكابرة، ولن تكتفي بالشهرة التي حققتها عربياً ودولياً، اعتباراً من ان صوتي نعمة من الله ومن حق الجميع أن يسمعه ويطرب اليه.
* ألا ترين أن إشكال الاغنية الجديدة بكلماتها وألحانها وأصواتها قد تحيلك الى التقاعد قرفاً واشمئزازاً؟
ــ الفن مثل سائر القطاعات عرضة للتطور والتحول، ليس بالضرورة نحو الاحسن، يبقى على الجمهور ان يختار بكامل حريته ما يتلاءم مع مزاجه وأحساسيه العاطفية والوطنية. لقد عرفت الساحة الغنائية العربية عبر كل المراحل الاغنية المميزة كلاماً ولحناً وأداء ونقيضها تماماً. لست هنا في معرض التقييم. أترك المهمة لأصحابها، لكني متفائلة بنبض الشارع الذي بات يمتلك ما يكفي من الثقافة والمعرفة ليفصل بين المميز والجيد والوسط والرديء.
* في المقابل، غالباً ما يلجأ الفنانون خصوصاً الدخلاء الى الاحتماء بمعادلة "الجمهور عايز كدة"؟
ــ ما تقوله صحيح. هو احتماء ليس اكثر. إنما الاحتماء ممكن لفترة قد تطول أو تقصير، وبعدها لا يصح الا الصحيح. لا أنكر انني اختبرت الصعود والهبوط عن قرب في اكثر من تجربة، لكني لم أنجرف مرة واحدة الى الاغنية الهابطة. من تغني ام كلثوم يجب أن تستمر بقناعاتها الغنائية، وإن عاكستها الظروف احياناً، فإنها تمتلك الموهبة والطاقة لمعاودة الصعود والانطلاق من جديد.
* وهذا ما أنت بصدد تحقيقه بعد عودتك؟
ــ لست بهذا التوجه طالما أنني لم أبتعد لانزلاقي في اعمال هابطة، ولا ايضاً بصدد اعادة اكتساب جمهور فقدته. أقيس الامور من وجهة نظر مغايرة تماماً. عدت الى الغناء لأنني عاشقة موسيقى وشعر، ولأنني أحب وأحترم نعمة الله الذي أنعم عليّ بصوت جميل ليس من حقي خنقه، ولأنني أخيراً صادقة مع جمهور لم أخذله يوماً بأغنيات هابطة لاتليق باسمي ولا بأحاسيسه.
* وما الجديد الذي تعودين به؟
ــ ألبوم "أيامي بيك" الذي حقق منذ نزوله الاسواق العربية نجاحاً مميزاً. أسعدني ذلك كثيراً وزاد من ثقتي بنفسي وتأكيدي على أن اللون الغنائي الذي اخترته ولم أحد عنه طيلة ربع قرن أوصلني الى الموقع الفني والجماهيري الذي أنا عليه اليوم.
* تتحدثين عن "الغناء الدرامي" الذي يميز صوتك. هل يعني ذلك عجزك عن الغناء بألوان أخرى؟
ــ أبداً فصوتي جاهز لأداء كل الانواع. الطربية الصعبة والشعبية السهلة والقصيدة المعقدة. لكني أفضل الاغنية الدرامية فهي الاقرب الى قلبي ومزاجي ومشاعري.
* وبعد "ايامي بيك"؟
ــ لا أستعجل الامور ولا احرق المراحل. عند كل ألبوم جيد أعيش قلقاً كما لو أنه الألبوم الاول الذي أصدره. هذا ال شعور يرافقني منذ التحضيرات الاولى الى ما بعد طرح الالبوم في الاسواق، وحيث أتابع يوماً بيوم ردة فعل الجمهور وحجم المبيعات بعيداًعن معادلة الربح والخسارة.
* قيل كثيراً عن "ديو" يجمعك والصوت الجميل شيرين عبد الوهاب؟
ــ ما زلنا في طور البحث عن كلام معبر ولحن جميل ليصبح المشروع قيد التنفيذ. يهمني جداً أن يشارك صوتي صوت شيرين التي كن لها كل احترام واعجاب. لكن اصدار ديو لا يملك شروط التميز يتحول الى خطوة ناقصة لكلا الطرفين.
* لكن الوطن العربي لا يعدم شعراء وملحنين من النوع الذي تتطلعين إليه؟
ــ أنا واثقة بالتفاهم مع شيرين على اننا سنقع على كلام رائع ولحن مميز يجمعنا في ديو واحد.
* باستثناء شيرين، هل تقبلين المشاركة بديو آخر مع أسماء غيرها؟
ــ سبق وقلت إن الساحة الغنائية العربية تعج بالاصوات الجميلة والمميزة، كما شيرين وأنغام وعمرو دياب ومحمد منير وماجد المهندس وحسين الجسمي.. لكن اعجابي بتلك الاصوات لا يعني موافقتي السريعة على مشاركتهم الغناء. الديو مشروع كبير يتطلب شروطاً يتوفر بعضها لدى هذا المطرب وغيرها لدى مطرب اخر. الاغنية الثانية تفترض اولاً التلاؤم الكامل بين حنجرتين ومزاجين وطبيعتين، الأمر الذي نفتقده كثيراً على الساحة الفنية العربية.
* وكيف ترين علاقتك بالسينما وما زلت بعيدة عنها على الرغم مما يملكه وجهك المشع من كيميائيات جاذبة للكاميرا؟
ــ اعشق مشاهدة السينما وخصوصا الافلام العالمية، لكن الوقوف امام كاميرتها تبدو بالنسبة لي مهمة شبه مستحيلة. هذا لا يعني ثباتي على موقفي، فإن وجدت الدور المناسب قد انجر اليه، وقد تجر التجربة الأولى الى معاودة الكرة. الامر رهن الظروف، وما قد تحمله السينما المصرية الجديدة من مفاجآت ومواضيع تتناول "الربيع العربي" وما يعكسه على المشهد الابداعي الثقافي من تحولات.
* هل تشاركين وتؤيدين ثورة شباب 25 يناير؟
ــ عندما تكلمت عن الحرية التي يجب أن تتمتع بها الشعوب العربية وما يلحق بها من عدالة واصلاحات ومحاربة الفساد، كنت اقصد الى جانب المشهد الابداعي الثقافي الصورة العربية المشرقة التي تتطلع اليها اجيال اليوم والغد. حان الاوان ليفرض هذا الجيل رأيه والاخذ بكلامه من قبل المسؤولين أو تستمر الثورة حتى تحقق اهدافها.
* وماذا لو فشلت الثورة الشبابية في تحقيق اهدافها؟
ــ تستمر الثورة. درب الحرية والعدالة طويلة وشاقة وشباب العرب ليسوا عاجزين عنها.
الثلاثاء مارس 20, 2012 8:49 am من طرف 
